عزيزي"الناضج قبل الأوان"

 هاأنت ذا جاوزت العشرين، لاشك أنك ترى العالم مختلفاً عما عهدته، غالبا ستكون محبطا فالعالم ليس بذلك الجمال الذي كنت تظنه. تعلم الآن أن الحياة مسؤولية، وأن الرغبة في الشيء لا تكفي للحصول عليه. تعلم أن الناس ليسوا بتلك الطيبة التي يبدون عليها، وأن المظاهر خداعة في معظمها. 

عزيزي، في العشرينات ستخوض عدة تجارب وقد تفشل في أغلبها، ستأتيك لحظات إحباط، ستجد نفسك وحيداً حتى وإن كنت بين عائلتك، ستكره وجودك في عالم مليء بالتفاهة. لن تتفاهم مع الأشخاص من عمرك وسيصعب عليك أن تتقاسم معهم اهتماماتهم النمطية، ستحس باللاانتماء لجيلك وستبحث لنفسك عن موطن انتماء، ستتساءل عن وجودك في عالم مماثل، وستطرح أسئلة وجودية أغلبها مكروه في مجتمعك. ستعتزل الناس وستدمن لوم نفسك، فأنت تعرف أن سبب مشاكلك هو تفكيرك المفرط. 
تمر عليك لحظات تشتهي ثوان من السكون مع نفسك، تتمنى لو استطعت أخذ الحياة بالسهولة عينها التي يأخذها بها أصحابك، تريد أن تكون شخصاً "عادياً" مثلهم، تضحك لأشياء تافهة، ولا تلقي بالا لمشاكل المجتمع أو مستجداته، تعيش لتصبح مواطناً مثالياً أقصى طموحاته عمل وعائلة وحصص الرياضة صباح الاحد .

لكنك يا عزيزي ومهما حاولت لن تستطيع أن تصبح "عادياً" ، فقد ولدت مع لعنة "النضج قبل الأوان" ، تسبق أقرانك بعقد على الأقل، تأخذ الحياة بجدية، وترفع سقف طموحاتك إلى أبعد ما يمكن، لا تغريك حياة المواطن المثالي وتسعى جاهداً لإفهامه أن الحياة أعمق مما يظن. 
تذكر عزيزي، أن نضجك قبل الأوان شيء رائع، و أنه من الجميل فهم الحياة بطريقتك بدل تبني قناعات الآخرين. تذكر أنك لست الملعون الوحيد في هذا العالم، فباشر البحث عن بني فصيلتك، لأنكم معا، حتما ستغيرون الكثير، وستعيشون حياة لا يعرف بوجودها الكثير.