عن كفرناحوم ونادين لبكي وأشياء أخرى .

قبل أشهر من اليوم قرأت في مكان ما عن فيلم جديد للرائعة نادين لبكي ، كانت بضعةأسطر من الوصف كافية لجعلي انتظر عرض الفيلم على أحر من الجمر، لاسيما وأن فكرته الأساسية كانت تترأس لائحة مخاوفي منذ سنين، فأن تحضر طفلا لهذا العالم المليء بالفوضى هو أمر صعب ،و الأصعب منه هو مواجهتك لأسئلته الطفولية البريئة والمربكة في آن واحد، أسئلة قد تبدأ ب"كيف أتيت لهذا العالم؟" لتنتهي ب" لماذا أتيت بي لهذا العالم؟" فعلى قدر توقعك للسؤال الأول تأتي صدمتك بالسؤال الاخير.

 
اليوم و بعد مشاهدتي ل كفرناحوم، وجدت بأن قضيته أكبر من مجرد طفل يقاضي والديه لأنهما انجباه، هذا الفيلم هو صورة وطن بكل يحمله من مشاكل وقضايا؛ طفولة مُعذّبة،معاناة لاجئين، بؤس، عنف أسري، زواج قاصرات، اتجّار بالبشر…، و على عكس أغلب الأفلام التي تعرض وضع العالم العربي ، نجح كفرناحوم في تقديم عدة قضايا بطريقة سلسة تشد انتباه المشاهد ولا تترك مكانا للملل. إذ قدمت نادين لبكي واقعا عنيفا بدون مشاهد عنف ،و نجح الممثلون في نقلنا لواقع شخصياتهم بطريقة رائعة، فكرهنا بعضهم و أحببنا البعض الآخر، وبكينا معهم بحرقة تارة و ابتسمنا لهم بحب تارة أخرى.

قالت نادين لبكي في إحدى مقابلاتها أن كفرناحوم هو طريقتها في التغيير من الواقع ، ودعت الجميع إلى المشاركة في هذا التغيير ،كل بما يجيد .و الحق يقال إن طريقتها في التغيير فعالة ، فبفضل ترشح الفيلم لجوائز عالمية و عرضه في مختلف بقاع الأرض، توالت المساعدات من مختلف المنظمات العالمية ،و لقي أطفال كفرناحوم تضامن العديد من الشخصيات البارزة ، و حظي طاقم ممثلي الفيلم - والذي تكون بالأساس من أشخاص حقيقيين تطابق واقعهم مع شخصياتهم في الفيلم- بفرص لدخول المدرسة و تسوية أوضاعهم المادية والإدارية.

 
عزيزي القارئ، أنا لم أدرس يوما السينما، و لا أتوفر على دراية عميقة بأسرار هذا الميدان اللهم إلا بعض المعلومات التي اكتسبتها من مشاهدتي لمئات الافلام والمسلسلات منذ سن الخامسة، لكني و بكل ثقة أضع كفرناحوم على لائحة الأفلام الواجب مشاهدتها قبل مغادرة هذا العالم.